الحقلُ مرادِفُ الحرّيّة

* حقلُ بامياء

الحقلُ مرادِفُ الحرّيّة.
الحياةُ بعدَ مفترقِ الوعيِ مقاومةٌ مجهِدةٌ لئلّا تصيرَ رقماً.
روحُك في جسدي آخرُ الحِيل للاتّصالِ بالغيب.
أشبهُ طاغورَ الآن
يستغرقُ هو في التّأمّل
وأضحكُ أنا بمجون،
كلانا على فكرةٍ واحدة.
**

السّادسة صباحاً:

“شتلةُ البامياء الأمّ في الحقل، أحدٌ من أبنائها لا يُشبهُ الآخر”.
ما زلتَ نائماً تحلم على حوافّ الأبديّة. تقول شمسُ حزيرانَ أنّك ما زلت تتشبّثُ بالضّلالِ نفسه. لا ماء على الشّرفة ولا أبخرة على الزّجاج؛ لكنّي أتحسّسُ أطرافي، أنت باردٌ وكتفك مكشوفَةٌ على قصائدِ الإصباح.
**

السّابعة إلّا خمس هوامش:

“ثمرةُ البامياء الّتي لا تصلحُ لطبقك تملأ حقولَ الآخرين بُذوراً”.
أعاني من آلامٍ حادّة في الظّهر، تشتدّ عندما يبتلُّ النّباتُ بالماء. أحاول أن أحسّن من استقامةِ عموديَ الفقريّ، لكنّك تنحني باستمرار! يصيبني دوارٌ لا أعرف له سبباً في كلّ مرّةٍ أنتهي من ملء السّلال. أعرف أنّك هُنا، وتعرف أنّ عظامي ترتفعُ فرقعتُها كلّما ابتعدَتْ عن الحقلِ خطاي!
**

الدّقيقة الرّابعةُ بعد التّنهيدة السّابعة:

“لا تقطف قرنَ بامياءٍ عجوز، سينبتُ الشّوكُ في أصابعك للأبد”.
تبدو جلسةُ الأربعاء استراحةَ مزارعٍ خاصمَ تراباً تسرّعَ في نقض عهدِ الإخاء. في حياةٍ موازيةٍ، أنا طفلٌ يحملُ معولاً بنابين، يأمرني شيخٌ بإضحاكِ الماءِ، فتنطلقُ أقدامي الدّقيقة تجرُّ خلفها شوائب الحقلِ وأدرانه. عمّا قليلٍ ستمطرُ والطّفلُ يمشي، ستنفجرُ الأرضُ عيوناً والطّفلُ يمشّطُ فروتها وقد انسكبَ الماءُ عن يمينِ المعولِ ويساره كغمّازاتِ نساء الأرياف. عمّا قليلٍ سيضحك الماءُ، سيضحك الحقلُ، سيضحك الطّفل ويضحك الشّيخ … وأبكي أنا!
**

السّابعة ونصف غصّة:

“تقول نبتة البامياء: عندَما أقولُ انتهيتُ، راقبني أورقُ من جديد”.
تتمشّى في الرّواق. تسعلُ سعالَ من اعتادَ افتعال الضّجيج كي لا يفكّرَ بوحدته. تتفقّد ساعة يدك: الرّقم 8 يستحثّ سرعتك للذّهابِ إلى العمل. تلقي نظرة على الميزان: الرّقم 70 يتنبّأ لك مطمئناً أنّك على الأرجحِ لن تموت اليوم. تعدّ النّقود في محفظتك، تلعنُ الدّولة والوظائف الحكوميّة وتنادي بسقوطِ الأنظمة، بينما بقايا المناديل الورقيّة عالقة بفتحات أنفك وربّما فتحاتٍ أخرى، مؤشّرٌ مطمئنٌ على صحّتِك العقليّة!
في الحقلِ يعانقُ ساقي النّباتُ رافضاً إحصاء تعاقبِ الأنفاس والفصول وامتداد الكيلومترات ونمرة الحذاء وسرعة القطارات وثرثرة الحكايات المعلّقة في سقف الغرفة.
**

الثّامنة بعد انقضاء الحلم:

“تقولُ الشّتلة: لا تبكِ بجواري، يميتُ الماءُ أبنائي”.
شتلةُ البامياءِ الأمّ، أحدٌ من أبنائها يقتلُ الآخر.

spot_imgspot_img