سيرة أغاسي.. الوجه الآخر من الشهرة

لا أتابع رياضة التنس، ولم أشاهد مباراة تنس كاملة، مع ذلك استمتعت بقراءة سيرة لاعب التنس أندريه أغاسي والذي تجسد سيرته الحلم الأمريكي، شاب ابن مهاجر أرميني، يحصل على الشهرة والمال بعد أن تميز في مجال رياضي.

شخصية الأب

لا يمكن فهم نجاح أندريه من دون استحضار دور والده، الذي كان مهووساً بتحقيق الثراء عن طريق الرياضة، وقد بدأ هوس الأب، عندما كان صغيراً في طهران، بعد الحرب العالمية الثانية، فقد شاهد جنودا أميركيين وبريطانيين، يلعبون التنس، فأعجب بهم، وساعدهم في إعداد الملعب، وتحديد حدوده في كل مرة يلعبون بها، بوضع خطوط الطباشير على الأرض، و جلب الكرة عندما تبتعد عن الملعب، والمكافأة التي حصل عليها كانت فقط: مضرب تنس.
فرح والده بهذه الهدية، لكن للأسف حينها لم يكن أي إيراني يلعب التنس! ثم هاجر إلى أميركا أرض الأحلام، ودخل في مجالي الملاكمة والتنس، لكن فشل، وعمل حارس كازينو في لاس فيغاس.

غلاف النسخة العربية من الكتاب الصادرة عن منشورات وسم – الكويت

لكنه لم يتخلَّ عن حلمه، وقرر أن يحققه عن طريق ابنه أندريه، بالمناسبة فقد أسماه اسما ثلاثيا “أندريه كيرك أغاسي”، تيمنناً بأسماء رؤسائه في الكازينو الذي يعمل فيه
ولأن دخله قليل، ورغب أن يشتري بيتاً كبيراً، يحول حديقته إلى ملعب تنس، فلم يتمكن من شراء بيت إلا بعيداً عن المدينة، في الصحراء كما يقول أندريه.
دربه والده منذ أن كان عمره خمس سنوات بـ 2500 ضربة تنس يومياً! فقد كان يؤمن بأن الأرقام لا يمكن أن تخذله، هذا الرقم يذكرنا بما اقترحه مالكوم غلادويل في كتابه “المتميزون”، أن إتقان أي مهارة، يحتاج لعدد ساعات كبيرة من التدريب.

روح مقاتل

لم يكن أندريه الولد الوحيد لوالده، فقد كانوا أربعة، دربهم مثله، لكنه الوحيد من بينهم الذي نجح، يخمن والده أن ابنه محظوظ، لكن أندريه يرى أن النجاح في لعبة التنس، يتطلب روح مقاتل، “لا ترأف بخصمك، تخوض المباراة كأنك تدخل حلبة ملاكم” لاحظت من قراءة سيرته في وصفه للمباريات التي خاضها تعبيرات سلبية حادة مثل:” انتقام، كره، إذلال، إهانة، بغض، احتقار” بل إنه يرى أن جمهور التنس، يفضلون المباراة حين تكون بين اللاعبين ضغينة!

من المواقف الطريفة، حول الضغوط النفسية للاعبي التنس، أنه لعب مرة ضد خصمه، وتقدم عليه أندريه، فقرر خصمه أن يتلاعب بنفسيته، فأرسل قبلة على الهواء لحبيبة أندريه! والتي حضرت المباراة، فاستفز هذا أندريه، لكن استطاع أن يتحكم بنفسه ويهزمه.

الصورة كل شيء

نفذ أغاسي إعلانا تجاريا عن كاميرا، ذكر فيه أن الصورة هي كل شيء، وهي جملة مناسبة للترويج لآلة تصوير، لكنه اشتكى في السيرة من كثرة انتقاد الآخرين له بأنه سطحي، لكني أعتقد أنه كذلك! فلا يوجد في حياته سوى بعد واحد: كرة التنس، كل حياته تتمحور حول اللعبة.

مثلا، تساقط شعره وهو في بداية العشرين، فماذا فعل؟ لبس باروكة! لأنها جعلت مظهره جذاباً واعتبرها جوهر صورته العامة! ومسألة الصلع، شغلت كثيراً حديثه في السيرة، بل حتى صورته على الغلاف، لم تظهر الصلع!
بالطبع أخفى عن الإعلام لبسه للباروكة، لأنه يدعى أن الإعلام لا يرحم، فقد حلق مرة شعر صدره قبل مباراة تنس، وانتقده الإعلام بشدة على ذلك، فيقول: كيف لو عرفوا أنني ألبس باروكة!
مثال آخر على سطحيته، أنه سريع التشاؤم، ذهب مرة لباريس من أجل مسابقة تنس مع صديقته بروك، وعندما كانا على نهر السين، قضى رجل حاجته بالقرب منهما، قال في نفسه: إما أن أخسر المسابقة، أو تنقطع علاقتي بروك، وقد حدث الأمران معا.

امتيازات الشهرة

كعادة المشاهير، تذمر أندريه من أنه لا يحصل على كامل حريته، فكل حركة يفعلها لابد أن يكون لها عواقب، لكنه أغفل مزاياها، مثلا فقد تعاطى أندريه المخدرات برفقة مساعده سليم، وعندما كشف تعاطيه، وهدد بالإيقاف، كتب رسالة كلها كذب، ذكر فيها أن مساعده سليم هو من كان يضع المخدرات له ولم يكن يعلم عنها! وأرسل رسالة لاتحاد كرة التنس، الذين قبلوا عذره، مع أنهم يعلمون أنها كذب، لكن وجوده مهم في لعبة التنس.

مع أن لعبة التنس منحت لأندريه الشهرة والمال، مع ذلك يكررها جدا، لكن لم يكن لديه أي خيار آخر في الحياة، فقد وضعه والده على مسار لا يمكن أن يتراجع عنه.

ومن المصادفات.. أنه تزوج بلاعبة تنس!

spot_imgspot_img