رقصة الضوء

أكتنز أملاً
يشبه فراشة
تنسج في شرنقتها
جسداً شهياً
متوارٍ وسري ومخبوء،
وفي مساحة الحلم
تقتنص وهجها المشع
لتحمي عينيّ
من سطوع الحقيقة
فراشة هادئة، ولكنها
تكافح لتحرير ذاتها
إنها في عتمتها
تدرب نفسها
لتبلغ أقصى مدى
ضعفها وتمزقها
وتنشق عن قوة
تبرز جانبها الخطر
التائق للضوء
مولعة
بكل تحولاتها المعجزة،
أمل كجناحي فراشة
رقيقان جدا
لكنهما ينزلقان بأعجوبة
لألوانهما بريق
لا يوجد في ألوان
أيّة ألوان أخرى
ممتلئان بالإحساس
مغرمان بالضوء
أمل له إيقاع أجنحة الفراشات
لكي تتقن إيقاعها،
لا تكون بكامل السيطرة
إنها تؤدي الرقصة بإتقان
لتحرّر كل كوامنها المطلقة..
جناحان يمتدان
كذراعين نحيلتين
يتكئان على حافة خطرة
حرجة وغامضة
ومن الحافة
تسقطان في قاع بهيج
لاستحثاث الجانب الآخر
من الزهرة
إلى كمالهما المضيء
في قلب الأجواء الداكنة
تملّسان على البتلات المتوارية
في الأماكن الدافئة المغلقة
في الضوء الخافت
قبل أن يسطع النور
ويلقي بظله
على الأرواح المتعبة
أمل يستقر على جناحين
متباهيين بعطش دائم للحب
وقدرة غامرة
على الارتواء من الحياة
حتى الثمالة
أذوق معه
طعم طفولة الأشياء
براءة الشعور والفكرة
والآن الأبدية
في غربتي الزمنية
في زمن وجداني
وما وراء
حدود الزمان والوجدان
أمتلك “الآن” وتمتلكني
أستردها وتستردني
تتسرب داخلي وتحدني
تتعقد في بساطتها وتطلقني
ويسير الماضي إلى مستقبله
وأنا بينها وبينه
فيها وفيه
تتصل بي وتنفصل
تعيد إليَّ أملاً
هو أصل الأشياء
وينبوع الأزل
تذوقه البهاء
وتجرعه الألق
في ابتهاج واحتفال وتصوّف
كان يصمت إصغاء لصمتي
يكتسب الصمت بيننا
وجودية متعالية
حين لا يصبح الكلام
قرينا لصمتنا
ولا نقيضاً ولا محواً له
صمتنا فيض كلام مُخايل ملتبِس
ثغرات وفراغات وسكتات لحن
كان عليَّ أن أؤول النص في قلبه
لأصل للتوق الخالص
كل اللحظات معه لا تقبل التكرار
إنها فردة مطلقة
تمتص كل تمزق للزمن
تغذّيه وتفنيه
في تعاقبات الآن
في شتات الأنا
وكل ما سواه زائل وعدمي
كل ما يولد بيننا يتنامى
يمتص وجوده وخلوده
أملي فراشة
تمرح في فضاء ظلماتي
في خلاء ممتلئ بي
عبر أضواء استعرتها من القمر
عبر سواد شعري في كلِّيته المظلمة
هناك ينصهر ضوئي وظلامي
بضراوة ونعومة
انغماس في المطلق
استيهام للمنتهى
اشتباك أيد في لين وطراوة
واشتباك أرواح في قلب شمس
تتلظى في عظمتها اللانهائية

أمل الشامسي

spot_imgspot_img