على الحافة
قلب يفقد كل آماله، ينادم يأسه
يأس الأمكنة والأوقات
يأس البذرة التي امتلأت بالماء
ولم تتجذر
يأس الامتلاء من الحزن والفرح
يأس الأمل وهو يشيع الأمنيات
يأس الفراغ من الارتواء والعطش
يأس العيون التي أرسلت نظراتها
وعادت خائبة..
يأس الكتب التي عانقها الغبار
يأس الأوراق التي لم تمسّ
يأس الكرسي الذي أفسح مكاناً للضجر
يأس الظل الذي تبقى ظلاً دون صاحبه
يأس الحلم الذي تمنى أن ألمسه
ولم ألمسه..
يأس، يأس، يأس
يأس يقف طويلاً على حافة البحر
يبحث عن نبتة خضراء
وكأس فارغة
وشغف يطبق عليه بيديه
قبل أن تسحبه بعيداً أمواجٌ هادرة
يأس المدّ الذي ابتلعه البحر
والصخرة التي افتقدته وظلت بائسة..
يا أول العمر وآخره
أنا الضائع والضائع والضائع
وطريقي لن أعود أراه
أملي سكن الأشياء المهملة
صوتي تاه وسط الضجة
دموع تغيب في أحداقي
ثم تطفر راجعة
وأنا في الضباب الأسود
أبحث عن خطوة ضائعة
كانت هنا، كانت هناك
كانت في كل الأمكنة
ثم لفظتها الأمكنة..
يا أول خيط أبيض
تبيّنته وسط الظلمات المحدقة
يا آخر خيوط الضوء الساقطة
على الجذوع اليابسة
فكت الريح أزرار قميصها
تطاير ورق الأشجار
كل ما يستر جرحها
فاحت رائحة العابرين
فرّت عطورهم، أنفاسهم
وفي الشفق الذي كان يذوب
حين كان البصيص يذوي
كان على صدر الريح حلم
يرضع النشوة
نشوة أوراق شجر تحاصرها الريح
وتسقط وهي لا تسقط
إنما تصبح حرة
تعيش حرة، لمرة، لنهار واحد، للحظة
ثم تسقط الحافة
يسقط الصوت والصدى
ثمة قلب يائس يحاول المساعدة
في كل مرة يسقط في ظلماته
يتخبط
يسقط مثل صحن فارغ على مائدة
سقط كل شيء من حولي
تساقطت الأشياء بلا رجعة
دع القلب ينكسر كأغصان شجرة
في مواقد حزنه السريّة
فإن نظراتي تشتعل وهي تشيعه بلا انكسار
هو كل ما أشعر بأنه يحرقني
كل ضوء منه
كل دخان، كل نار