ظهرت شخصية السنافر العجيبة في بلجيكا لأول مرة، حين قدمها الرسام البلجيكي “بيار كوليفورد الياي بيو” عام 1958، كمادة مسلية للأطفال في إحدى مجلات الكارتون، وسرعان ما اكتسبت هذه العفاريت الزرقاء الشقية شهرة عالمية بفضل سماتهم الخاصة وطباع مدينتهم الفاضلة المصنوعة من الفطر. عالم السنافر المحبوب، جعل لهم يوماً عالمياً للاحتفاء بهم، ومعرضاً دوليا يخصهم، فمن أين بدأت رحلة عالميتهم؟
الملح والسنافر
بعد أن صمم الرسام البلجيكي بيو، شكل شخصيته الكارتونية، لم يختر لها اسماً، وأثناء جلوسه برفقة صديق له على مأدبة طعام، نسي اسم الملح، فدعاه ”سنفور“، ورددا معا هذا الاسم ومن ثم ولدت تسمية أشهر كارتون في خمسينيات القرن الماضي، وفي عام 1981، قدمت شخصيات السنافر، في مسلسل تليفزيوني من إنتاج شركة هانا باربيرا، شمل 256 حلقة مترجمة إلى 30 لغة، وعرضته 120 قناة تلفزيونية على مستوى العالم.
اختار بيو، اللونين الأزرق والأبيض لينفرد بهما السنافر، ويشكلان صورة ذهنية في عقل المشاهدين تعطي انطباعا بالهدوء والراحة تجاه هذه الشخصيات المتسامحة المتعاونة، إضافة إلى تصميم شكل السنفور بيدين ورأس رقيقين تلائم للعين، كما استخدم أسلوباً مشوقاً في عرض قصصه الأسطورية على لسان السنافر التي تعود إلى القرون الوسطى، وتحمل سلوكيات وقيماً حميدة يتطلع إليها العالم كله.
انتشر اسم السنافر، بمصطلحات مختلفة بين الدول، فعرفوا في بريطانيا باسم “سميرفز” بينما أطلق عليهم في فرنسا اسم ”شترومف”، في كوريا أطلق عليهم “سوموبو” ومع بداية انتشارهم بين أروقة الصحف، تعلقت بهم الجماهير حتى أن فيليب غيلوك، فنان الرسوم المتحركة، دفع كل مدخراته لشراء “سنفور” وكان سعره آنذاك 20 فرنكاً بلجيكياً، كما تمكن “كوسيه” فنان أفلام الكرتون، من شراء ألبوم كامل للسنافر في ليلة عيد الميلاد.
كان أهم ما يميز السنافر شكلها، الذي يوحي بأنها كائنات مريحة لا تؤذي، ولا تشكل خطراً على أحد، بل يعملون من أجل حماية قريتهم والحفاظ عليها، تميز الصغار الأشقياء بتجسيد الصفات الطيبة، حتى الشرير الوحيد في القرية، الذي يجسده شرشبيل، لم يكن ذكياً بالقدر الكافي ليتغلب شره عليهم ولذلك فهو يفشل في كل مرة.
انطلاق السنافر
شهدت الثمانينيات، من القرن الماضي، انطلاقة لمسلسل السنافر الذي يتكون من 9 مواسم، وانتشرت رسومه المتحركة حول العالم، وبعد أن كانت مغامرات السنافر حكراً على الرسوم التلفزيونية، فقد تمكنت هوليوود، من الحصول على حقوق الملكية لإنتاج أفلام السنافر.
بعد وفاة بيو، متأثراً بأزمة قلبية عام 1992 لم يتوقف مشروع السنافر، إذ استكمل ابنه تييري، مسيرته من خلال تشغيل الاستوديو الخاص به، كما أسست ابنته فيرونيك، شركة IMPC، للترويج لمنتجات السنافر.
صُممت قرية السنافر، الأسطورية على الطريقة الأفلاطونية، إذ يسيطر عليها اللون الأزرق المشع، وتأخذ بيوتها شكل الفطريات المتناغمة، يسودها الحب والعمل الجماعي، إذ يتكاتف السنافر لحل جميع مشكلاتهم ويستطيعون التخلص من ألاعيب شرشبيل وقطه هرهور الشرير، إلا أن بعض الدلائل تشير إلى تشابه قرية السنافر السحرية، مع قرية بلجيكية كان يسيطر عليها تواجد الذكور دون الإناث وهذا ما نجده في قرية السنافر التي توجد فيها أنثى واحدة، وهي سنفورة و 99 سنفور.
منذ 73 عاماً يتم إنتاج نماذج فنية للسنافر، ويعد سنوياً نحو 8 نماذج، ويبلغ إجمالي المواد الفنية للسنافر قرابة 704 نماذج، فيما يباع من منتجاتها ما يزيد عن 40,000 سنفور، كما ينظر بعض الناس إلى ألعابها كونها تمائم، وذلك يعود إلى تجسيدها لحكايات الفلكلور الشعبي.
توسع انتشار السنافر، فدخلوا مجال الألعاب الإلكترونية، وأصبحت لعبة السنافر متاحة عبر الهواتف الذكية التي تمكنت من جذب ما يزيد عن 12 مليون مستخدم عبر الإنترنت، فيما تجسد السنافر رموزاً للتنمية المستدامة التي أقرتها منظمة الأمم المتحدة ومن المقرر أن يعلن عنها في 2030.
اليوم العالمي للسنافر
خصص الخامس والعشرون من يونيو/ حزيران، كل عام للاحتفاء باليوم العالمي للسنافر وهو يوم ميلاد الرسام بيو، مبتكر هذه الشخصيات، كما تنظم بلجيكا معرضاً سنوياً خاصاً لهم، شعاره “الوحدة تحقق السنافر” ويضم هذا المعرض صوراً متنوعة لشخصيات السنافر مع بيو.