في شتاء مدينة بورنموث
أجلس على كرسي خشبي في حديقة المدينة
ًيطارد نواف سنجابا
لأول مرة أرى السناجب
ولأول مرة أرى ابني
كنت بعيداً عنّي
في الإسكندرية
في طنجة
في جدة والطائف
في مدن ككتب التاريخ
مجرد هراء
مدن كفيروس لعين لا مضاد له
أو كسهرات الشباب بلا نهاية
ومفتوحة على العدم.
في مكة
أجلس بمحاذاة الصيف اللاهب
أفكر في أمي
وفي جدول الضرب
وفي الفواتير والكتب والباعة الموسميين في الحج.
في منطقة استوائية
يقف العدم أمامي
مجهولاً وأصفرَ بلا حدود
أشاهد جنرالات حرب قديمة يتقدمون
نحو جثث الأطفال
نحو بكاء المصابين بجروح عميقة
نحو انتصار لا يحدث
نحو ممرات مفروشة بوحلٍ واحدٍ متشابه وَرخو
رائحة ما تتحرك هناك
بعيداً عنّي
تقايض فجائعها بشواء نتن لأجساد آدمية
العرق وبارات مدن الشرق والعويل الذي يشبه موسيقى مارلي
اللافتات المكسورة
والسناجب التي تقفز في شاشة تلفزيون غربي
الحلم القديم بالعودة إلى حديقة بورنموث
حيث العواصف القويّة
وقهوة الفلات وايت
ومتاجر تيسكو
في مدن كثيرة
أشاهد أشياء لأول مرّة
قصائد لأول شاعر عبر من هنا
ورود لعشّاق منتحرين
وأمنية لسيدة وحيدة تمسك بيد صغيرها على منعطف طريق مهجور.
في مدن بلا خرائط
يمكن أن أكتب قصةً عن الموسيقى
وأخرى عن الرصاص.