ترتدين سرابكِ وتمضين
وحدكِ تعرفين مستقرّ حقيقتكِ
أنت سرابُ حقيقة لا يمكنهم لمسها
تتدافعين نحو أفق هو أنتِ
لا يصلون إلا إلى حيث كنتِ
تلتفتين إليهم تتلاشى صورهم
تفرغ ممالكهم
ويتساقطون في ليلكِ وموجكِ
تغوص أقدامهم في رمالكِ
وأقدامكِ تطفو راقصة
حيث يقفون لاهثين
فلست واحاتهم..
تسبحين في رمالكِ ومياهكِ
ينبع التوق تحت أقدامكِ
هناك حياة كاملة بينكِ وبينهم
تتركين لهم أسمال الأقنعة
تمضين نحو سرابكِ
تنفصلين
لا تنتمي إجاباتكِ إلى تساؤلاتهم
دعي ثلجكِ يذوب وناركِ تتقد
هذه حكمتكِ وهذا جنونكِ
طوفانكِ لن يبقي أحداً منهم
هذه سفينتكِ وحدكِ
لا مكان لهم في حقيقتكِ
ولا زمانهم سيدرك سرابكِ
أنت متصلة بوجود آخر
ولا وجود لهم
دعي الأبواب مفتوحة على مصراعيها
لن تسرق أعينهم شيئاً منكِ
شرّعي نوافذكِ كلها
لا تخشي فضولهم
لتكن هذه التفاتكِ الأخيرة
بعد الآن لا تلتفتي
لديكِ من الأشجار والأزهار
أسرار حياة لا يدركونها
فيكِ من العصافير والفراشات ما يتجاوزهم
حرّري العطر من قواريكِ
أسمعيهم رنين أساوركِ
تمايلي واقتلعي جذورهم
هذا السراب وطنكِ ومنفاهم
لكِ الرواء ولهم الظمأ
لكِ سطوع الحقيقة
وسيعمى زيفهم
هذه أغنيتكِ وهم لا أصداء لهم
سيعبر طيفكِ أطيافهم
حيث البحار تحتضر
والشموس تنطفئ
حيث كل الضوء ضوؤك
سافري إلى قلب الشمس
أعيدي الظلام للضوء ليطلع نوركِ
صدقي ما ترينه وحدك
وتلمسينه وحدك
هذه مملكتكِ المأهولة بكِ
المحجوبة عنهم
تقدمي الضباب على الطريق
لينقشع زيف مسافاتهم
بوحي بالحقيقة المشرقة على جبينكِ
الغاربة في آفاقهم
وحين يتشظى الليل في عيونهم
افتحي عينيكِ وارتدي بياضكِ
وانسلي كخيوط الفجر
حيث يحررك السراب
وتسجنهم آمالهم..