ظهرت في السنوات الأخيرة، في عالم الأدب، وخصوصاً في الأدب الكوري والياباني، موجة جديدة تُعرف بـ “الأدب الشافي“، هذه القصص تقدم علاجاً دافئاً للروح، وتوفر راحة وإحساساً بالاطمئنان دون الحاجة إلى الحبكات أو الدراما المعقدة.
اكتشفتُ هذا النوع الأدبي قبل أن أعرف أنه يحمل اسماً، وذلك من خلال سلسلة “قبل أن تبرد القهوة“. كانت التجربة أشبه بعناق دافئ في شكل كتاب، هادئة، مُطَمئنة، ومريحة للقلب والروح.
ما جذبني في هذه الكتب هو هيكل القصص، حيث أنها حكايات قصيرة داخل حكايات كبيرة ، تبدو هذه الحكايات أنها غير مترابطة ولكنها متصلة بشكل ذكي إذا أوليت الانتباه إلى تفاصيلها. تقدم الروابط بين هذه القصص الصغيرة إحساساً بالاطمئنان لمجريات الحياة وأن الأمور لا بد أن تؤول إلى خواتيم حسنة، ما ينعكس على منظور القارئ للحياة ويساعده على التعايش مع التحديات التي يواجهها في حياته.
وكم كان مدهشاً أن أدرك أن الأدب يصلح ليكون أداة ليس للترفيه فقط، بل للتشافي المعنوي والعاطفي كذلك.
منذ اكتشافي لمفهوم الأدب الشافي، أصبحت أكثر وعياً في اختيار الكتب التي أقرؤها وفي الحالة النفسية التي أكون فيها عند قراءتها. عندما تصبح الأيام مُرهِقة وممتلئة بالتفاصيل، أبحث عن كتاب لا يقدم لي قصة جيدة وحسب، بل يقدم بلسماً للقلب أيضاً.
المثير للاهتمام من ناحية أخرى، أن الكتاب الذين يكتبون هذه القصص، ليسوا جميعاً مدركين لكونهم مساهمين في هذا النوع الأدبي. ومع ذلك، فإن أعمالهم تلقى صدى لدى القراء الذين يبحثون عن الراحة بين صفحات الكتب. بالنسبة للكثير من القراء، هذه القصص ليست مجرد حكايات، إنها شريان حياة، تقدم لنا الطمأنينة بأننا لسنا وحدنا في معاناتنا، إنها وسيلة لشفاء الروح والعثور على السلام في خضم عواصف الحياة.
لا أزال أنوع في قراءتي بين الكتب الواقعية والأدب والشعر، لكن الآن، عندما أكون في إجازة أو أحتاج إلى دعم معنوي، أتوجه إلى الأدب الشافي، وأعتقد أن هذا النوع من الأدب سيستمر في النمو والتوسع في شعبيته مع اكتشاف المزيد من القراء لقوته الفريدة في التعافي المعنوي والتشافي من تبعات هذه الحياة السريعة التي نعيشها، كما تفعل كتب مثل كتاب ”ما تبحث عنه تجده في المكتبة“ الذي لم ينل حظه حتى الآن في الترجمة إلى العربية.