لا بد أن يكترث،
لعلَ سمعة الاكتراث السيئةِ في روحهِ
أن تنسحبَ من أيامهِ بهدوء،
يكترث للمطرِ الذي لا يجد أحداً يخبره بهطوله..
يكترثُ للأغنيةِ التي يسمعها أثناء جلوسهِ في صالةِ الانتظار في صالون الحلاقة، مع أنها بلغة لا يفهمها لكن الأغاني رسائل قد تغير معها قَصة شَعرك..
للحظةِ التي حدَّق فيها حارس إنجلترا في يد مارادونا القادمة من السّماء وهي تتهادى بالكرةِ إلى المرمى
للشبيه الذي يمرُ بقربهِ دائماً في الحديقة، ينظران بدهشة في بعضهما، يقولان في وقت واحد ولنفسيهما: هذا شخص يشبهني جداً..
للسطرِ الأخيرِ في رسالةِ حبٍ كتبتها امرأة تعرفهُ جيداً وأودعتها دون اسمٍ في صندوق بريده..
للحظةِ التي وجدَ فيها ورقةً مطويةً بعنايةٍ في جيبِ معطف مهمل..
للأوقاتِ التي طالما اعتقد أنها لا تعني شيئاً، بينما كانت منعطفات حادة نحو طريقٍ لا يعرفهُ …
للطفلةِ التي تنظرُ إليهِ من نافذةِ سيارة
وتدلقُ لسانها طويلاً
طويلاً، حتى تصبح الإشارةُ خضراء…
لرواية كونديرا “الحياة في مكان آخر” خاصةً لو توقف بعد الفصل الأول حيث لا أحد يكترث بتوثيق حياتنا في لحظة الولادة..
للحظةِ التي اكتشفَ مع الأصدقاء بركة سباحةٍ جميلة
كانوا فرحين ومتسائلين كالأطفال.. لكن سرعانَ ما اكتشفوا الصخورَ الحادة، وبقايا المعلبات، والقنينة التي تطفو أو تنغمر بعيداً حسبَ حركةِ الطحالب..
للحظةِ التي كان يعتقد فيها أن اللامبالاة هي سَعادةٌ خفيّة تظهر وتختفي حسب حاجةِ المرء..
كان لا مبالياً..
لا شيءَ يفوتهُ غالباً
ولا شيء ينتظره
لذا كان من الطبيعي أن يكون سعيداً
سعيداً وخائفاً من المبالاة
وهذا أيضا ما يجبُ أن يكترث له..